shimery.com
New Page 1
 
shimery.com



سفارة اليمن بمصر


مقالات                      

تفاصيل المقالة
من هنا تبدأ الطريق 
  إفتتاحيات مجلة المثقف العربي

  العدد رقم( 30)    صدر بتاريخ (2003)

نحن ـ معشر العرب ـ لم يعد أحد في هذه المعمورة يشك في أننا آخر مجموعة دولية وآخر حزمة شعوبية في ركب التقدم والوعي, والثقافة, والصناعة, والسياسة, والاقتصاد, والتعليم, وأننا أسوأ مثل للجهل والتخلف في العالم ولم يعد أحد من سكان الأرض والسماء يجهل أننا أمة تتمتع بأكبر قدر على وجه الأرض من التخلف، والحسد، والغرور، والكراهية والبغضاء، والغطرسة، والظلم والاستبداد.

ولم يكن في أمتنا العربية أي أحدٍ من رجال ونساء يشك في أننا أصحاب الحضارة، والديانة الأرحب، والأحدث، والثقافة والوعي، والقداسة، والأفضلية، وأصحاب الحق، والعدل، وأننا.. وأننا.. وأننا.
لكن أين الحقيقة المفقودة بين نظرتنا إلى أنفسنا ونظرة الآخرين إلينا؟ وأين يقع الخلل؟
أهو خطـأ في الفكر الثقافي العروبي؟ أم هو تضليل إعلامي صهيوني عدائي كما نعتقد؟ أم هو خطأ مشترك في الجانبين؟
وتبدأ الطريق الصحيحة من حيث ينبغي أن تبدأ والبداية تقتضي أولاً: ألا نجلد ذواتنا حتى نصل إلى اليأس والإحباط والاستسلام, ولا نتعالى بمفاخر الأجداد وعصور المجد المفقود الذي أضعناه, ولا نتمسح بمشاعر عقيدة مقدسة ونلصق أنفسنا بها, وكأنها جاءت ملكا خاصَّا بنا، أو وقفاً على العرب الأشقياء فقط.
إن الفصل بين العقيدة الإسلامية, ورسالة النبي محمد عليه الصلاة والسلام وبين المسلمين والعرب مع سلوكياتهم وأفكارهم أمرٌ حتمي, وضرورة من ضرورات الواقع, وأول خطوة من الطريق الصحيح, فالمسلمون وخاصة الذين عجزوا أن يحققوا أي نجاح في مغالبة الحياة، وكفاح الكسب، وإجهاد العمل، وعزَّ عليهم الحصول على فرص للعمل، وجدوا أوقاتهم فارغة، وأيامهم خالية وبطونهم خاوية إلاَّ من بقية علمٍ، أو غطرسةٍ من جهل وشعارات ميراثية لمفاخر الفاتحين، وكأنهم أوصياء الخلفاء الراشدين على من دونهم من الناس، كما يَمُنُّون على الله وعلى أمتهم سجدات وتلاوة جاءت لا بالتوفيق ولكن لأنهم عجزوا عن الحصول على أي فرصة دنيوية يملأون بها أوقاتهم, لذلك فهم يشعرون بالتعالي وأنهم ولاة الأمر الشرعيون, وأوصياء الرب والأمناء على الوحي، والحق ما يرون, والباطل كل ما عجزوا عن الوصول إليه أو عمله, وبالتالي نشأت أفكار التكفير, واستحلال الدماء، والفتاوى المنفرة.

كما أن طائفة أخرى من المسلمين وجدوا طريقا للعمل في مجالات الحياة والسياسة، والانشغال بالأمور العامة, والتمتع بحق الظهور، والتحدث بالنيابة عن الأمة، والأنظمة، وحملوا الألقاب، وتعلموا المظاهر المراسيمية، وأخلاق الكلام العذب, وشعارات الإعلانات، ولكنهم وظفوها توظيفاً خاطئاً وتبرؤا أولاً من فكر الإلتزام في الأمة، وتنكروا لكثير من القيم الإسلامية, وأخضعوا كل شيء للهوى والشهوات, وتحولوا بذلك إلى منظرين في الفكر, ومتملقين للحكام الذين يمسكون بمقاليد الأمور من وراء المتاريس, وخلف القواعد العسكرية, وكي لا يتهموا بالتطرف, والتدين, والأفكار الدينية, أطلقوا لأنفسهم العنان في الانغماس في لذائذ الحياة, ومتع الزيف, وغرقوا في بحار الرذائل ومجاراة الأجانب, ومع ذلك يدعون أنهم يمثلون الإسلام الحقيقي, ويدافعون عن اسم الإسلام وفكر الإسلام, وعقيدة الإسلام, بينما هم يخرقون على الإسلام بسلوكهم كل سفينة, ويغرقون على العقيدة القرآنية كل قارب.

وآخرون من أبناء هذه الأمة العربية وهم المغامرون الذين لا يهمهم إلاّ أن يقودوا المسيرة, وألا يقال لهم في أي شيء يريدونه لا, وأن عزرائيل واحدٌ من جنودهم, وقارون وخزائنه تحت قبضتهم, وهم الفكر, والدين, والحضارة, والتقدم, والإفتاء, وهم الذين لم تلد الأمهات قبلهم مثلهم, ولا بعدهم أشباهاً لهم وهم حملة الحق, وحماة الأوطان, وحفظة الدين, والمجاهدون في سبيل الله, والساهرون على مجد الأمة ورفعتها, وهم الذين ينطبق عليهم في نظرهم وفي نظر المرتزقة من حولهم قول حسان:
خُلقتَ مُبَّرأً من كلِّ عيـبٍ كأنك قد خُلقتَ كما تَشاءُ
وأكملُ منك لم تر قَطُّ عيني وأجملُ منك لم تَلدِ النِّساءُ
وهذه الفئة الثالثة هي المسئولة تماماً عن طيش وجنون الفريق الأول, والمسئولة عن خلاعة ومسخ الفريق الثاني وهي التي ستكون مسئولة أولاً وأخيراً عن ضياع أجيال حاضرةٍ وأجيال قادمة ولكنها لن تعي ولن تفيق من سكرتها وشهوتها في التسلط, إلاّ بعد أن تتهاوى تماثيلها على أيدي الغزاة وهم يحتلون الديار, ويستعمرون الشعوب, وخيولهم ترقص على جماجم الفاتحين, وحينها لن ينفع الأمة الواهمون بولاية الأمر بتفويض من السماء.

ولن يبقى أولئك المهرجون أمام الصحافة والمؤتمرات من الثمالى, والمداحين, وشعراء السياسة, ودراويش الإعلام, ولن يكون حينئذٍ لأصنام النياشين وتماثيل العظمة الذين يعزون من يشاؤون ويذلون من يشاؤون أي قدرة على البقاء أمام الشعب, وأمام الأعداء, وتكون رؤوسهم مطلوبة بمكافأة مالية قدرها كذا مليون دولار, وهم أصلاً لا ثمن لهم حتى دولاراً واحداً في كيان الأمة.
والطريق الصحيح يجب أن يبدأ من حيث لا قداسة لأحد, وكل الناس يجب أن يكونوا بشراً وليس ديناً وأنهم آدميون وليس فيهم أحد مسجداً, والآخر حانة, وآخر مصحفاً, وآخر آيات شيطانية.

والعروبة اليوم تبكي من العرب, والإسلام يتبرأ من المسلمين اليوم, ولا بد أن نقول بكل أسف إن سياسة الحياة ومصلحة الشعب العربي تقع في أن يقلدوا إسرائيل تماماً في بناء نظام الحياة وخدمة الشعب وتثبيت النظام, فإسرائيل تناوب السلطة بالسلم ولا يخلد على عرشها أي أحدٍ, ولو كانت كالعرب لكانت السيدة جولدا مائير التي قادت هزيمة العرب ونصر إسرائيل ما تزال على الحكم, وإسرائيل أصبحت أقوى تكنولوجيا حتى من الصين, وإسرائيل أصبحت زراعياً تصدر الخبرات وتتبنى المشروعات الزراعية الكبرى في أفريقيا, وإسرائيل أقوى من الدول العربية الاثنين والعشرين, وإسرائيل سمعتها ولو بالتدليس أمام شعوب العالم بفضل عملها المتواصل وعقولها المخلصة بأنها المظلوم الأول على وجه الأرض, والشعب المهدد على وجه الأرض من خطر عصابة متوحشة مفزعة إرهابية تسمى الأمة العربية, ودينها الإسلام الذي ليس فيه سوى القتل وإزهاق الأرواح, هكذا ولهذا تعمل إسرائيل, ومن اجل ذلك وُجِدَتْ وفعلاً نجحت في تحقيق أهدافها, ولو كان منها ما تعتبر أهدافاً تهدد البشرية والإنسانية, ولكنها مع ذلك نجحت, وأصبحت تقود أقوى دولة وأكبر جيش وأوسع اقتصاد وهي أمريكا. لا أقول للعرب ولا للمسلمين كونوا يهوداً أو صهاينة إن كنتم تريدون النجاح ولكن أقول كونوا مسلمين صادقين, واعملوا لعروبتكم ولدينكم كما يعمل الصهاينة واليهود, وأقيموا المحاكم لأي "نتنياهو" عربي بتهمة خمسين ألف دولار يشتبه في حصوله عليها من مال الشعب, هناك حينئذٍ سنكون قد عرفنا الطريق.

 
  رجوع 
shimery.com
مقالات | ألبوم الصور | مؤتمرات | لقاءات صحفية | نشاط ثقافي
لمراسلة موقع السفير راسلنا علي
info@shemiry.com